في الليلة الظلماء وحيدا ... يقضم اظافره ندما وتحسرا ... لا يطلع عليه نهارا ... ودائما يبقى محتارا
يطالع الناس بتلك العيون التي هجرت المحاجر ... لا تنفك شفتيه عن التمتمة والشتائم
الكل في نظره سواسية مذنبون .. وعليه حاقدون وناقمون ...
هو دائما يقف في منصة المعاتب والجميع تحامل عليه وهجره لانه يقول الحق ولا يخشى لومة لائم
لكنه من نفسه وروحه دائما هارب ... يتخبط في سيره فلم يبقي له انيس ولا صاحب
انني وبلا شك في مقامي هذا اتحدث عن ذلك الانسان الذي يظن السوء بلاخرين وقد تقدمت في وصفه واحسب نفسي لم اوفيه الحق الكامل
لان من يسيء الظن بالناس لا مصير له الا ان يتبع الشيطان ويوليه عليه سلطان
هناك اعجوبة في هذا الزمان وهي ان الجميع الان متخالطون ... ليس فقط في اجسادهم بل في اخلاقهم وشخصياتهم وذلك لاسباب عدة لها علاقة بالمجتمع والتغيرات التي طرأت عليه من جميع النواحي
ولا يمكن ان يخلو الناس تماما من النزوات والاخطاء والانحرافات عن طريق الصواب - الا من رحم ربي واهتدى-
لكن مع كل هذا لا يمكن للمرء ان يبقى بعيدا عن كل هؤلاء الناس ان كان قد نجا من جميع امراض المجتمعات ... فان اردت ان يصبح شارعك نظيفا عليك العمل على ذلك بكل جدية ,لا تجلس على عتبة بابك وتقول فلان السبب في قذارة هذا الشارع وفلان اساء .. وفلان فعل كذا وفلان ... الخ
ولا تسيء الظن بالناس فتصبح بذلك اسوأ حال منهم من كثرة تآكلك وانت تجلس وحيدا تضرب اسداس بأخماس تعتب على فلان وتلوم فلان وتقبح عمل هذا وتذم ذاك
بل خالطهم واصبر عليهم واعطهم الاعذار ما استطعت وبالغ في ذلك وتقرب اليهم بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة والخلق الكريم ايام واسابيع واشهر وسنوات واجعلهم يتشبعون بما عندك من كرم الاخلاق ونبلها وتقرب الى الله عز وجل
كن القدوة لهم بتسبيحك وحمدك وشكر الله على ما اعطاك ووقاك و انزع عنهم اثواب البسها لهم الشيطان وقم بتبديلها بأثواب الصالحين وانظر بعدها كيف تعيشون معا
ان اردت ان يعطيك الناس فرصة للتعبير عن نفسك فهم ليسوا بأقل منك ليطلبوا اليك ان تمنحهم الفرصة ليعبروا عن انفسهم
عامل الناس كما تحب ان يعاملوك في ايام فرحك وحزنك وكن قريبا اليهم دائما
فهذا احد الابواب التي يتعارف بها الناس الى بعضهم بعضا ويتم التآلف والتحابب فيما بينهم وتختفي بذلك تلك الفروقات الوهمية التي ليست الا من صنع البشر وكيد شيطان
فكل انسان اضطرته حياته او ظروفه لاتباع طريق غير الطريق .... يناشد كل من يطالعه تلك النظرة المتعالية صارخا من اعماقه " لا تسيء الظن بي "
بقلمي ... شهرزاد
تعليق